قدم الفيلسوف
والعالم الروماني غالين كلوديوس، والذي
عاش حوالي 129 و201 ميلادية، تصورا حول أنواع الشخصية معتمدا على آراء الفلاسفة
القدماء، وتعود أصول نظريته إلى الفيلسوف اليوناني أمبيدوكليس (495-435 ق.م) الذي
قال أن خصائص العناصر الأربعة [ التراب (البرودة والجفاف)، الهواء (الدفء
والرطوبة)، النار (الحرارة والجفاف)، الماء (البرودة والرطوبة)] تفسر وجود كل المواد، وقد طور أبيقور
(460-370ق.م)، نظاماً علاجيا اعتمادًا على هذه العناصر الأربعة، حيث نسب خصائصها
لأربع سوائل في الجسم.
وجاء بعده غالين
ليجعل نظرية أبيقور تشمل الشخصية الإنسانية، حيث اعتقد بوجود علاقة تناسب بين
مستوى تلك السوائل في الجسم والجانب النفسي والسلوكي لكل شخص، وهكذا قال هو الآخر
الآخر بأربع صفات للشخصية : 1- شخصية منفعلة (الشغف والنشاط) 2- شخصية متفائلة (الدفء،
التفاؤل، الثقة، التعاطف)، وهي مرتبطة بكثرة الدم في الجسم 3- شخصية هادئة ( العقلانية،
البطء، الثبات، السكينة) 4- شخصية سوداوية (الحزن، الخوف، الاكتئاب، الفن، الشاعرية).
فكما علت نسبة سائل من السوائل الأربعة، كانت صفات الشخصية المرتبطة به هي الأكثر
بروزا.
ويرى غالين أن بعض
الأشخاص يولدون بقابلية لاكتساب هذه الشخصية أو تلك، لكن بما أن طبائع الإنسان
مرتبطة بنسبة تلك السوائل في الجسم، فقد كان يرى أنه يمكن التحكم في نوع الشخصية
من خلال الحمية الغذائية والرياضة، وفي بعض الحالات قد نحتاج للتخلص من الدم،
فالشخص الذي يتصرف بأنانية مثلا، في نظر غالين، يتوفر على كميات كبيرة من الدم
ويجب عليه الاقلاع عن تناول اللحم أو إحداث بعض الجروح بجسمه للسماح بخروج
الدم !
وقد بقيت نظرية
غالين معتمدة في الاوساط العلمية حتى بداية عصر النهضة، عندما ظهرت دراسات جديدة،
ففي سنة 1543 اكتشف الطبيب الإيطالي أندرياس فيساليوس (1514-1564) حوالي 200 خطأ
في تشريح غالين للجسم البشري، ورغم أنه قد تم التخلي عن نظريات غالين إلا أنه أثر
في علماء النفس في القرن العشرين، ففي سنة 1947 استنتج هانس إيزينك hans
Eysenk أن ملامح شخصية الإنسان مرتبط
بالجانب الفيزيولوجي وقد وجود توافقا بين وصف غالين للشخصيات وشخصيتين قد حددهما
هو نفسه.
فأي شخصيات غالين
تعبر عن شخصية المنفعلة، المتفائلة، الهادئة أم السوداوية؟
Enregistrer un commentaire